فضيلة العلامة زيد بن محمد المدخلي : قال
الإمام البخاري - رحمه الله - : حدثنا أبو نعيم ، قال حدثنا سفيان عن عبيد
الله عن نافع قال : ( كان ابن عمر يضرب ولده على اللحن ) . " الأدب المفرد
" : [ باب : الضرب على اللحن ] .
قال فضيلة العلامة زيد بن محمد المدخلي - حفظه الله تعالى - في شرحه لكتاب :
" الأدب المفرد " هذا الحديث فيه دليل :
ـ أولاً : على قدر اللغة العربية في شريعة الإسلام وما ذلك إلا لأنها لغة
الدين الإسلامي ، نزل بها القرآن الكريم سمَّاه الله عربيًا ، ونَزَل بها
الدين بأجمعه ؛ لهذا صار من أكبر النعم على العرب الذين ينطقون اللغة
العربية ، وأكبر حُجَّة عليهم إذا لم يرفعوا بالقرآن رأسًا .
قال الله تعالى : ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ
تُسْأَلُونَ ) . [ الزخرف : 44 ] . وإن القرآن لذكر لك يا محمد ولقومك : أي
شرف وحظ ، وسوف تسألون : هل قمتم بحق هذا الشرف والحظ العظيم أم لا !؟
وقال - عز وجل - : ( لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ
ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) . [ الأنبياء : 10 ] . أي : شرفكم وعزكم
أفلا تعقلون !؟
لذا كان السلف يحرصون أن ينطق أبناؤهم اللغة العربية الفصحى ؛ لأنها لغة
الدين ولا يسمحون لهم باللغات الدارِجة التي لا معنى لها ولا تتفق مع اللغة
العربية ، ثم بعد ذلك انتشرت اللغات الدارِجة لما توسعت رقعة ديار الإسلام
.
انتشرت اللغات الدارِجة ؛ فقضت على اللغة العربية لا يدركها إلا من تعلم
قواعدها ! وهم العرب أهل اللغة ! راحت ... اندرست منهم بلغات محلية مخالفة
لللغة العربية ، فأصبحت اللغة العربية لا تدرك على وجه التمام إلا بالدراسة
وبذل الجهود فيها ، والسبب اللغات الدارِجة التي تختلف باختلاف الأماكن
والجهات والأقاليم .
فتجد مثلاً في المنطقة الواحدة لغات متعددة تخالف اللغة العربية ملحونة لا
معنى لها ، والناس يتخاطبون بها الصغير والكبير ، والكبير يُلَقِّن الصغير
اللغة الدارِجة ، فلو أن الناس حرِصوا على قواعد اللغة العربية وعلموها
الأبناء الصغار لمشوا على النطق بها .
وهذه خسارة عظيمة . لا يستطيع الآن لا كبير ولا صغير ، ولا متعلم ولا غير
متعلم أن ينطق في التخاطب باللغة العربية الفصيحة ، إلا باللغات الدارِجة
في البيت التي من تأملها تمام التأمل وجدها لا تتفق مع قواعد اللغة العربية
أبدًا ، وهذه خسارة عظيمة .
حلُّها الانتباه من طلبة العلم ، ومن أهل الأُسر : أن يَتَفَهموا اللغة
العربية وهذه اللغات الدارِجة ، فيعلمون اللغة العربية الصحيحة للصغار
والنساء والكبار ، ويشطبون على اللغات التي ليس لها معنى صحيح ؛ ولكنهم
يفهمون معانيها بما أتفقوا عليه من الغلط والخطأ .
هذا في المنطقة الواحدة ! فما بالك بالأقاليم المتباعدة !؟
كل جهة لهم لغات دارِجة حطمت اللغة العربية الفصحى التي كان يحرص عليها
السلف ويعلموها أبناءهم وأسرهم .