فضيلة العلامة صالح بن سعد السحيمي : إذ
أن من تواضع لله رفعه ، كثير من المتعالمين إنما أوصلهم إلى ما وصلوا إليه
من الغرور ؛ إنما هو التعالم والتكبر ، والغرور ، والانخداع بما حصل من علم
يسير .
يقول بعض السلف : ( لا يزال الرجل عالمًا ما طلب العلم ؛ فإذا ظن أنه عَلم
فقد جهل ) .
ومما استفدته من شيخنا الشيخ حماد - رحمه الله تعالى - ، وهو من مشايخ
الدعوة السلفية المباركة على نهج أئمتنا الأفاضل - قديمًا وحديثًا - ؛ قال :
( إن العلم ثلاثة أنواع : علم يورث الكبر . علم يورث الخشية . علم يورث
التواضع ) .
ثم فصَّل - رحمه الله - وبين : أن بعض من حصَّل علمًا قليلاً ؛ ثم أخذ
يتباهى به على الناس ويتقعر ويتفاصح ، ويختار الكلام الغريب ، ويأتي بغرائب
الأمور ، ويخالف في فتاواه ، ويتسرع في الفتوى ، وما إلى ذلك ؛ هذا هو
العلم الذي يُورِث الكبر ، قد يكون عنده شيء من العلم ؛ لكنه أضاعه بهذا
الكبر ، إذا شعر بنفسه أن هذا العلم يجعله يتعاظم على الناس ، ويتكبر ؛
فليتق الله ، وليتنبَّه إلى أنه وصل إلى مرحلة خطيرة .
هذا العلم يورث الكبر ، وكثير من أرباب " الفضائيات " الذين يغترُ بعض
الناس ؛ من هذا القبيل .
وعلم يورث الخشية : العلم الذي يورث الخشية هو العلم الذي يعمل به صاحبه
كلما حصَّل علمًا ؛ عمل به ودعا إليه ، بعد التثبت منه والتحقق ، وبعد أن
يتتلمذ على العلماء الربانيين ، ويثني الركب عندهم ؛ فهذا العلم يورثه
الخشية .
قال الله - تبارك وتعالى - : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ
الْعُلَمَاءُ ) . [ فاطر : 2 ] .
وعلم يروث التواضع : إذا خشي الله ؛ النتيجة ما هي !؟
تواضع لعباد الل ه، إذا خشي الله تواضع لعباد الله ؛ وهذا مصداق قول رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من تواضع لله رفعه ) .
فتواضعوا لله يا طلبة العلم ! ويا مسلمون ! فإن ذلك يجعل المسلم : صافي
القلب ، صافي النية ، صافي المشرب ؛ يعني يتحرى الحق ، دائمًا يشعر بأنه
مقصر في جنب الله ، يشعر دائمًا بأنه ما حصل شيئًا بالنسبة لغيره من
العلماء الربانيين ؛ فيتواضع ، ويستكين لله - عزَّ وجل - ، ويبلِّغ على قدر
ما أعطاه الله – تبارك وتعالى - ، ولا يتجاوز حده الذي حدَّ الله له .