جوب لزوم السنة والحذر من البدعة
الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام
ديناً، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الداعي إلى طاعة ربه المُحذر من
الغلو والبدع والمعاصي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن سار على
نهجه واتبع هداه إلى يوم الدين. أما بعد:
أقول مستعيناً بالله تعالى: لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول ولا غيره بل
يجب منعه لأنّ ذلك من البدع المحدثة في الدين ولأنّ الرسول لم يفعله ولم
يأمر به لنفسه أو لأحد ممن تُوفي قبله من الأنبياء أو من بناته أو زوجاته
أو أحد أقاربه أو صحابته، ولم يفعله خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم من الصحابة
رضوان الله عليهم أجمعين ولا التابعون لهم بإحسان، ولا أحد من علماء
الشريعة والسنة المحمدية في القرون المفضلة. وهؤلاء هم أعلم الناس بالسنة
وأكمل حباً لرسول الله ومتابعة لشرعه ممن بعدهم ولو كان خيراً لسبقونا
إليه.
وقد أُمرنا بالاتباع ونُهينا عن الابتداع وذلك لكمال الدين الإسلامي
والاغتناء بما شرعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وتلقاه أهل
السنة والجماعة بالقبول من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [متفق على صحته]. وفي رواية أخرى لمسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» وقال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: «عليكم
بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها
بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإنّ كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»، وكان يقول في خطبته يوم الجمعة: «أما بعد فإنّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشرّ الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة»
ففي هذه الأحاديث تحذير شديد من إحداث البدع وتنبيه بأنّها ضلالةٌ تنبيهاً
للأمة على عظيم خطرها وتنفيراً لهم عن اقترافها والعمل بها.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر:7] وقال عز وجل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63] وقال تعالى:
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ
يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21].
وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ
مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ
رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100]. وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة:3].