حصلت صحيفة «الغارديان» البريطانية على مجموعة من الرسائل الإلكترونية
التي تحتوي على أكثر من 3 آلاف ملف سري تخص الرئيس السوري وزوجته، وذلك من
معارضين سوريين قاما بمراقبة هذه الرسائل لتسعة أشهر بعد أن وصلتهما
تفاصيلها من شاب سوري يعمل بالحكومة. وتضمنت هذه الملفات العديد من
المعلومات عن نشاطات الأسد وزوجته، ومن ذلك أن قطر كانت قد عرضت على أسماء
الأسد وزوجها مغادرة سوريا والتقدم بطلب اللجوء إليها. كما أظهرت الرسائل
إلكترونية أن الرئيس السوري كان يعتمد على نصائح الإيرانيين في مواجهة
المحتجين الذين كانوا يطالبونه بالتنحي. واعتمد على عدد من المستشارين،
منهم أحد ستشاري السفير الإيراني المختصين في الإعلام والسياسة. وتركزت أهم
النصائح على أن يكون الأسد «قويا وعنيفا»، وأن يظهر الامتنان للدول التي
تساعده، واستعراض قوته العسكرية ليعلم الرأي العام أن الأمر قد يصبح تحديا
عسكريا. كما أظهرت الرسائل حصول الأسد على نصائح من أحد رجال الأعمال
اللبنانيين المؤثرين في المنطقة، والذي نصحه بضرورة التوقف عن تحميل
«القاعدة» مسؤولية تفجير السيارتين في دمشق، وقال له إن إيران ولبنان
يشاطرانه الرأي.
وأظهرت الرسائل أيضا أن الأسد كان يقيم الروابط
الترفيهية على حاسوبه الشخصي (آي باد)، ويحمل الموسيقى الراقصة من «آي
تيونز». واستعمل الأسد طرفا آخر ليتمكن من شراء وتحميل الموسيقى من «آي
تيونز» من الولايات المتحدة. كما كشفت الرسائل أن هناك شركة تجارية مقرها
دولة خليجية معتمدة لدى الحكومة لاقتناء المشتريات الشخصية لأسماء الأسد.
وقالت
المعارضة السورية إنه في نهاية شهر مارس (آذار) من العام الماضي سلم أحد
العاملين في الحكومة في دمشق، بقلق، ورقة لصديق له كانت تحمل 4 أرقام،
عبارة عن شفرات، وطلب منه تمريرها إلى مجموعة من السوريين في المنفى والذين
يعلمون ما سيفعلون بها. وكانت الورقة تحمل عنوانين إلكترونيين، ويعتقد أن
ما في الورقة كان اسم المستخدم وكلمة المرور لعنوان الرئيس السوري بشار
الأسد وزوجته أسماء. وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي وقعت تفاصيل العناوين
الإلكترونية في أيدي سوريين محترفين يقيمان في دولة من دول الخليج، وانضما
إلى المعارضة. وأكد الناشطان أن هذه العناوين كانت للأسد وزوجته. وقال
الناشطان لـ«الغارديان» إنه في البداية كانت الرسائل تأتي ببطء، واحدة أو
اثنتين فقط في اليوم، حيث كان الأسد مشغولا بالأحداث وزوجته بالعائلة
والتسوق. لكن «في آخر الصيف تسارع نسق الحركة، وازدادت المراسلات، وتزامن
هذا مع تصاعد العنف في نهاية رمضان». وظهر في الرسائل أنه ومع الخريف «جمع
الأسد فريقا من المستشارين لمساعدته في التعامل مع الصحافة الدولية
والمواضيع الساخنة وآراء حلفائه وحزب الله»، معتمدا على مستشارتين
إعلاميتين إحداهما ابنة مسؤول سوري رفيع، والثانية شابة سورية وطالبة
بالجامعة الأميركية.
وأضافا أنه «مع نهاية العام أصبحت الرسائل
أكثر أهمية، حيث بدأت تظهر بعض التفاصيل حول الخطاب الذي كان يعده حول
الانتخابات. وقال أحد الناشطين «كنا نتابع كل شيء عن قرب، وعلمنا عندها وقع
وجود الصحافيين الأجانب بحمص على إعلام الأسد، وتمكنا من تحذير الناشطين
هنا، وهذا ما جعله يضيق الخناق عليهم. وقد توجهت المستشارتان نحو الأسد
لتقديم النصح مباشرة، وأظهرتا أن لديهما علاقات مع وسائل الإعلام
الأميركية، وأنهما تحدثتا مع (نيويورك تايمز) وقناتي (إن بي سي) و(إيه بي
سي)، والتي أظهرت اهتماما بإجراء مقابلات صحافية مع الأسد. واستعملت
المستشارتان العنوان الخاص بالأسد مستعملتين العناوين نفسها التي
استعملتاها في تواصلهما مع الصحافيين».
وبعد فترة من الملاحظة
لاحظ الناشطان بعض التغيير في استعمال الأسد لبريده الإلكتروني، مما تطلب
منهما أن يكونا أكثر سرعة في تعاملهما مع الرسائل الإلكترونية، حيث لاحظا
أنه يتم محو كل رسالة بعد قراءتها مباشرة، ولا حظا أن الأسد يقوم بمحو كل
رسالة بعد قراءتها مباشرة لكن زوجته لا تفعل هذا، وهذا ما يظهر قدر
الاحتياط المتخذ في الموقع. ولاحظا أن الأسد لا يكتب اسمه أو الحرف الأول
منه عند إرسال أي رسالة «هذا على الرغم من أن الرسائل التي يتلقاها موجهة
له كرئيس وتحمل تفاصيل أحداث ومحادثات لم تكن معروفة»، كما قال الناشط.
ويرجح
الناشطان أن العناوين التي تسربت خلال شهر يناير (كانون الثاني) نتجت عن
عملية القرصنة التي مكنت من اختراق موقع الشؤون العامة واخترق أكثر من 80
عنوانا إلكترونيا في الموقع. ويبدو أن العنوانين الخاصين بالرئيس وزوجته
كانا ضمن العناوين. لكن وفي السابع من فبراير (شباط) الماضي وصلت رسالة
تهديد باللغة العربية لعنوان الرئيس، فتم إيقاف التعامل على العنوان في
اليوم نفسه.