السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...
هذا هو كلام العلامة الألباني حول حكم صوم يوم السبت، ولم أنقل كـلام الشيخ
- رحمه الله – من الناحية الحديثية ، وإنما نقلت كلامه من الناحية الفقهية
فقط ، ومـن شاء كلام الشيخ – رحمه الله - على الأسانيد فليرجع لـ (
الإرواء ) في المجلد الرابع حديث رقم ( 960 ) ( ص 118 – 125 ) فقد أسهب
الشيخ – رحمه الله – هناك في التكلم عليها .
وأما حديث أم سلمة – رضي الله عنها – فقد بين ضعفه الشيخ – رحمه الله - في
الضعيفة [ 3 / 219 – 220 ] برقم ( 1099 ) . وأقرأ التنبيه الآتي بعد قليل .
هذه هي الأحاديث التي قد ذكرها الشيخ – رحمه الله – في السلسلة الصحيحة التي هي معارضة لحديث النهي عن صوم السبت مطلقا :
حديث أبي هريرة أيـضا ( لاتصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم ) الصحيحة [ 2 / 675 ] برقم 981 .
عن أبي هريرة مرفوعاً ( لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا قبله يوما أو بعده يوما ) الصحيحة [ 2 / 675 ] .
حديث أبي هريرة ( نهى عن صيام يوم الجمعة إلا في أيام قبله أو بعده )
الصححه في الصحيحة [ 3 / 10 – 11 ] برقم 1012 وايضا في [ 2 / 675 ] .
حديث ابن أبي أمية قال : ( دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر
من الأزد يوم الجمعة ، فدعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام بين
يديه ، فقلنا : إنا صيام . فقال : صمتم أمس ؟ قلنا : لا . قال : أفتصمون
غداً ؟ قلنا : لا . قال : فأفطروا . ثم قال : " لا تصوموا يوم الجمعة
مفرداً "
الصحيحة [ 2 / 676 ]
وحديث أبي هريرة أيضا ( لا تخْتَصُّوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ،
ولا تَخُصُّوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام ؛ إلا أن يكون في صوم يصومه
أحدكم ) .الصحيحة [ 2 / 674 ] برقم 980
قال الشيخ - رحمه الله – في الصحيحة [ 2 / 733 – 735 ] : " وبهذه المناسبة
أقول : إن هناك حديثاً آخر يشبه هذا من حيث الاشتراك في النهي مع استثناء
فيه ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض
عليكم .. " وهو حديث صحيح يقيناً ، ومخرج في " الإرواء " ( 960 ) ، فأشكل
هذا على كثير من الناس قديما وحديثا ، وقد لقيتُ مقاومة شديدة من بعض
الخاصة ، فضلا عن العامة ، وتخريجه عندي كحديث الجمعة ، فلا يجوز أن نضيف
إليه قيدا آخر غير قيد " الفرضية " كقول بعضهم : " إلا لمن كانت له عادة من
صيام ، أو مفردا " فإنه يشبه الاستدراك على الشارع الحكيم ، ولا يخفى قبحه
.
وقد جرى بيني وبين كثير من المشايخ والدكاترة والطلبة مناقشات عديدة حول
هذا القول ، فكنت أذكرهم بالقاعدة السابقة وبالمثال السابق ، وهو صوم يوم
الاثنين أو الخميس إذا وافق يوم عيد ، فيقولون يوم العيد منهي عن صيامه ،
فأبين لهم أن موقفكم هذا هو تجاوب منكم مع القاعدة ، فلماذا لا تتجاوبون
معها في هذا الحديث الناهي عن صوم يوم السبت؟! فلا يُحيرون جوابا ؛ إلا
قليلا منهم فقد أنصفوا جزاهم الله خيرا ، وكنت أحيانا أطمئنهم وأبشرهم بأنه
ليس معنى ترك صيام يوم السبت في يوم عرفة أو عاشوراء مثلا أنه باب الزهد
في فضائل الأعمال ، بل هو من تمام الإيمان والتجاوب مع قوله عليه الصلاة
والسلام :
" إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ماهو خير لك منه " . وهو مخرج في " الضعيفة " بسند صحيح تحت الحديث ( رقم 5 ) .
هذا ؛ وقد كان بعض المناقشين عارض حديث السبت بحديث الجمعة هذا ، فتأملت في
ذلك ، فبدا لي أن لا تعارض والحمد لله ، وذلك بأن نقول : من صام يوم
الجمعة دون الخميس فعليه أن يصوم السبت ، وهذا فرض عليه لينجو من إثم
مخالفته الإفراد ليوم الجمعة ، فهو في هذه الحالة داخل في عموم قوله صلى
الله عليه وسلم في حديث السبت : " إلا فيما افترض عليكم " .
ولكن هذا إنما هو لمن صام الجمعة وهو غافل عن النهي عن إفراده ، ولم يكن
صام الخميس معه كما ذكرنا ، أما من كان على علم بالنهي ؛ فليس له أن يصومه ؛
لأنه في هذه الحالة يصوم ما لا يجب أو يفرض عليه ، فلا يدخل – والحالة هذه
– تحت العموم المذكور ، ومنه يعرف الجواب عما إذا اتفق يوم الجمعة مع يوم
فضيل ، فلا يجوز إفراده كما تقدم ، كما لو وافق ذلك يوم السبت ؛ لأنه ليس
ذلك فرضا عليه .
وأما حديث : " كان صلى الله عليه وسلم يكثر صيام يوم السبت " ، فقد تبين
أنه لا يصح من قبل إسناده وقد توليت بيان ذلك في " الضعيفة " برقم ( 1099 )
من المجلد الثالث ، فليراجعه من شاء الوقوف على الحقيقة .
تنبيه : حديث أم سلمة – رضي الله عنها – ضعفه الشيخ في الضعيفة بعد أن حسنه
في تعليقه على صحيح ابن خزيمة ! ، حيث قال – رحمه الله - : " ولم أكن قد
تنبهت لهذه العلة – وهي حال عبد الله بن محمد بن عمر - في تعليقي على "
صحيح ابن خزيمة " ، فحسنتُ ثمة إسناده ، والصواب ما اعتمدته هنا . والله
أعلم . [ 3 /220 ].
وأيضا في الصحيحة [ 5 / 523 ] عن أبي هريرة ( لا تصوموا يوم الجمعة ، إلا
وقبله يوم ، بعده يوم ) قال العلامة الألباني - رحمه الله - بعد هذا الحديث
بقليل : " واعلم أنه قد صح النهي عن صوم يوم السبت إلا في الفرض ، ولم
يستثن عليه الصلاة والسلام غيره ، وهذا بظاهره مخالف لما تقدم من إباحة
صيامه مع صيام يوم الجمعة ، فإما أن يُقال بتقديم الإباحة على النهي ، وإما
بتقديم النهي على الإباحة ، وهذا هو الأرجح عندي ، وشرح ذلك لا يتسع له
المجال الآن ، فمن رامه ، فعليه بكتابي " تمام المنة في التعليق على فقه
السنة " ( 405 – 408 / طبعة عمان ) .
وهذا هو كلام الشيخ – رحمه الله – في تمام المنة ( ص 406 وما بعدها ) : "
وتأويل الحديث بالنهي عن صوم السبت مفردا يأباه قوله : " إلا فيما افترض
عليكم " ، فإنه كما قال ابن القيم في " تهذيب السنن " :
" دليل على المنع من صومه في غير الفرض مفردا أو مضافا ؛ لأن الاستثناء
دليل التناول ، وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض ،
ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد لقال : لا تصوموا يوم السبت إلا أن
تصوموا يوما قبله أو يوما بعده ، كما قال في الجمعة ، فلما خص الصورة
المأذون فيها صومها بالفريضة ؛ علم تناول النهي لما قابلها " .
قلت : وأيضا لو كانت صورة الاقتران غير منهي عنها ؛ لكان استثناؤها في
الحديث أولى من استثناء الفرض ؛ لأن شبهة شمول الحديث له أبعد من شموله
لصورة الاقتران ، فإذا استثنى وحده على عدم استثناء غيره كما لا يخفى .
وإذا الأمر كذلك ؛ فالحديث مخالف للأحاديث المبيحة لصيام يوم السبت ، كحديث
ابن عمرو الذي قبله ، ونحوه مما ذكره ابن القيم تحت هذا الحديث في بحث له
قيم ، أفاض فيه في ذكر أقوال العلماء فيه ، وانتهى فيه إلى حمل النهي على
إفراد يوم السبت بالصوم ، جمعا بينه وبين تلك الأحاديث ، وهو الذي ملت إليه
في " الإرواء " .
والذي أراه – والله أعلم – أن هذا الجمع جيد لولا أمران اثنان :
الأول : مخالفته الصريحة للحديث ، على ما سبق نقله عن ابن القيم .
والآخر : أن هناك مجالا آخر للتوفيق والجمع بينه وبين تلك الأحاديث ، إذا
ما أردنا أن نلتزم القواعد العلمية المنصوص عليها في كتب الأصول ، ومنها :
أولا : قولهم : إذا تعارض حاظر ومبيح ؛ قُدِّم الحاظر على المبيح .
ثانيا : إذا تعارض القول مع الفعل ؛ قدم القول على الفعل .
ومن تأمل في تلك الأحاديث المخالفة لهذا ؛ وجدها على نوعين :
الأول : من فعله صلى الله عليه وسلم وصيامه .
الآخر : من قوله صلى الله عليه وسلم كحديث ابن عمرو المتقدم .
ومن الظاهر البين أن كلا منهما مبيح ، وحينئذ ؛ فالجمع بينها وبين الحديث
يقتضي تقديم الحديث على هذا النوع لأنه حاظر ، وهي مبيحة . وكذلك قوله صلى
الله عليه وسلم لجويرية : " أتريدين أن تصومي غدا " ، وما في معناه مبيح
أيضا ، فيقدم الحديث عليه .
هذا ما بدا لي ، فإن أصبت فمن الله ، وله الحمد على فضله وتوفيقه ، وإن
أخطأت فمن نفسي ، وأستغفره من ذنبي . انتهى كلامه – رحمه الله - .
فأرجو الله – عز وجل – أن ينفعني بها وبكم ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقله اليكم السلفى الاثرى