تمر السنين وتأتي السنين وتأخذ منا أجمل ما لدينا في هذا الكون..
تأخـذه رغماً عنا دون أن نُسأل إن كنا نريد أو لا نريد هـذا الشيء..
نـقاوم ونحاول أن ننجو بأنفسنا من تيار لا نعرفه وغريب علينا..
نمضي ونسأل من حولنا إن كنا قـد أصبنا أم أنـه الخطأ بعينه..
ولا ندري إن كنا نستطيع المقاومة أم أننا انجرفنا إليه رغماً عن أنوفنا..
نسأل ونسأل ولا ندري ونحن قد وقعنا فيه حتى أعلى رؤوسنا ..
ولكننا نظل نقاوم ونرتجي أن يأتي شخص لإنقاذنا وانتشالنا منه..
دون أن ندري ودون أن نشعر، نستأنس بما نحن فيه لأنه أصبح واقعاً نريده وارتضيناه لأنفسنا سواءً كان صحيحاً أم خاطئاً..
لا نحس بخطئه لأنه يتسرب كالماء من تحت أرجلنا بلا شعور بلا إدراك..
حتى أننا نحاول أن نفتح أعيينا –رغم أنه لا يمكن الرؤية منه- ونرى بأننا نستطيع الرؤية من خلاله لأنه أصبح منا وفينا وفي دمنا وبين اللحم والعظم ولا نقدر انتزاعه لأنه تعمق فينا حتى الشرايين..
نخاف منه ونظل نقاومه حتى لا يتملكنا فنشعر بالضعف أمامه فنحس بالهزيمة المرة..
إنها مثل قصة الدونكي شوت الذي صارع طواحين الهواء بسيف المجرد وحماره الهزيل..
لكن الفرق بأننا في هذا الزمن نستطيع الإدراك بأننا لا نستطيع العيش دون مرشد ودليل لكل طريق نسلك بها..
وهذا المرشد والدليل في كل زمان وكل مكان هو " الصديق الوفي " الذي يحس بما تحسه ويستشعر الخطأ كأنه أنت..
الصديق هو مثل الألماس الذي لا ينطفئ بريقه ولا يصدأ لونه ولا تمل من النظر إليه..
الصديق هو من صدقك بقلبه وجوارحه وعقله ليقدم لك كل ما تحتاجه من صدق النصيحة وصحة القول، فيصدقك بقوله وفعله حتى ولو آلمتك حقيقته ونصحه..
صديقي من يقاسمني همومي
ويرمي بالعداوة من رماني
ويحفظني إذا ما غبـت عنه
وارجـوه لنائبـة الزمـان
والأصدقاء كنوز، يجب البحث عنهم، وتحمل التعب من أجل اكتشافهم، حتى لا يختلط علينا الحجر والجوهر، فننتقي الأحجار ظناً منا أنها الجواهر، فإن لقيت الصديق الصدوق وارتأيت فيه نقاء السريرة وأصالة المعدن فلا تفقده من أجل عيوب تظنها مشينة فكلنا لدينا عيوب وأخطاء ومن لا يخطئ لا يعلم..