المسألة الأولى/ حكم الصلاة في أعطان الإبل
والمراد بأعطان الإبل
كما ذكره ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ هو شامل لما تقيم فيه الإبل وتأوي إليه
كمراحها سواء كانت مبنية بجدران أو محوطة بقوس أو أشجار أو ما أشبه ذلك.
وكذلك ما تعطن فيه بعد صدورها من الماء.
وإذا اعتادت الإبل أنها تبرك في هذا المكان، وإن لم يكن مكانا مستقرا لها ، فإنه يعتبر معطنا . فإذا عرفت ذلك فاعلم أن الصلاة في معاطن الإبل لا تجوز لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : "صلوا في مرابض الغنم ، ولا تصلوا في أعطان الإبل" رواه أحمد.
* تنبيه / لا يعني هذا أنه يجب عليك أن تصلي في مرابض الغنم بل جاء هذا الحديث لبيان أن مرابض الغنم ليست كمعاطن الإبل .
والعلة في التفريق بين الإبل والغنم
تعبدية كما أنك لا تتوضأ من لحم الغنم وتتوضأ من لحم الإبل، فكذلك الصلاة.
فالعلة تعبدية والمؤمن يسلم بذلك و لا يعارض لقوله تعالى :" وما كان لمؤمن
ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " . وإن
كان بعض العلماء قد ذكر الحكمة من ذلك وقال : إن الإبل خلقت من الشياطين
كما جاء في الحديث ، فإذا كانت مخلوقة من الشياطين فلا يبعد أن تصحبها
الشياطين وتكون هذه الأماكن مأوى للإبل ومعها الشياطين وتكون الحكمة في
النهي عن الصلاة فيها كالحكمة في النهي عن الصلاة في الحمام وهذا الذي
اختاره ابن تيمية وابن عثيمين ولا يعني هذا أنها خلقت من أب وأم شيطانين
وإنما المراد أن الإبل من طبيعتها الشيطنة . وسواء كانت هذه العلة أم لا
فعلى المؤمن الإيمان والتسليم وعدم معارضة هذه الأمور بعقله فإن الله –
سبحانه – لا يأمر بشيء إلا وله فيه حكمة فهو الحكيم الخبير – سبحانه -.
المسألة الثانية / أكل لحم الإبل ناقض للوضوء
أكل لحم الإبل ناقض للوضوء , ويدخل ذلك الكرش والقلب ويدخل في ذلك النيء والمطبوخ ويدل لذلك /
1- عن جابر بن سمرة – رضي الله
عنه - أن رجلا سأل النبي أتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال: إن شئت قال: أتوضأ من
لحوم الإبل ؟ قال: نعم " رواه مسلم .
2- وعن البراء بن عازب – رضي
الله عنه - أن رسول الله سئل أتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال: نعم .قال : أتوضأ
من لحوم الغنم؟ قال: لا " رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه .
فعلى هذا من أكل لحم إبل – قل أم كثر – انتقض وضوءه .
المسألة الثالثة/ لبن الإبل هل ينقض الوضوء كاللحم ؟
أما ألبان الإبل فلا تنقض الوضوء ، ولكن يستحب الوضوء منها قال الشيخ عبدالرحمن السعدي – رحمه الله - : فاللحم ينقض الوضوء ، ولا يدخل في ذلك الحليب واللبن والدهن لأنه ليس لحما ، ولا يشمل مسماه. ويقول الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -
:" وأما الوضوء من ألبان الإبل ، فالصحيح أنه مستحب وليس بواجب " وذلك لما
رواه البخاري في صحيحه في قصة العرنيين الذين اجتووا المدينة وأصابهم مرض
فأمرهم النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يلحقوا بإبل الصدقة فيشربوا من
ألبانها و أبوالها . ولم يأمرهم – صلى الله عليه وسلم – بالوضوء منها .
المسألة الرابعة / مرق الإبل هل ينقض الوضوء ؟
أما مرق الإبل فليس كاللبن يقول الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - : الأحوط للمسلم أن يتوضأ منه ؛ لوجود طعم اللحم في المرق .
المسألة الخامسة / بول الإبل هل هو طاهر أم نجس ؟
أما بول الإبل فطاهر وليس بنجس وذلك لأمرين :
أولا : لما
سبق أن ذكرناه من قصة العرنيين الذين اجتووا المدينة وأصابهم مرض فأمرهم
النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يلحقوا بإبل الصدقة فيشربوا من أبوالها
وألبانها . فلو كانت نجسة لما أمرهم أن يشربوا ويتداووا بها . والتداوي لا
يكون بحرام لما جاء مرفوعا عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال :"
تداووا ولا تتدووا بحرام " فدل هذا على طهارة بول الإبل .
ثانيا : من
القواعد الشرعية أن ما كان مأكول اللحم فبوله طاهر ، وما كان غير مأكول
اللحم فبوله نجس . فمثلا الكلب غير مأكول اللحم فبوله نجس ، والغنم مثلا
من مأكول اللحم فبوله طاهر وهكذا .
وهذا من تيسير الشريعة إذ أن
الحيوان مأكول اللحم قد يصيبك شيئا من بوله على ثيابك فلا يجب عليك أن
تغسله لأنه طاهر ، فلو كان نجسا لشق على الرعاة أن يغسلوه في كل مرة ،
فرفعت الشريعة هذه المشقة فكان بول ما يؤكل لحمه من إبل وغيرها طاهر .
المسألة السادسة / زكاة الإبل :
وقد
جعلتها آخر مسألة نظرا لطولها , ولئلا يسأم القارئ فقد نقلتها بجلها -بشيء
من التصرف- من كتاب شيخنا العلامة بقية السلف / صالح بن فوزان الفوزان -
حفظه الله - من كتابه الملخص الفقهي .
لقد
أوجبت الشريعة إخراج زكاة الإبل ، بل وجعلت الزكاة ركنا من أركان الإسلام
، و من جحد ذلك أو أنكره كفر ، فقد قاتل أبو بكر الصديق – رضي الله عنه
وأرضاه – مانعي الزكاة كما في حرب المرتدين المشهورة ، وجاء الوعيد الشديد
لمن لم يخرج الزكاة إما بخلا أو تهاونا فعن أبي ذر الغفاري – رضي الله عنه
- أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال :"ما من صاحب إبل ولا بقر ولا
غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه ، تنطحه
بقرونها وتطؤه بأظلافها كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضي بين
الناس" رواه مسلم .
وينبغي أن يعلم أنه ليس كل من ملك إبلا وجب عليه إخراج زكاتها ، بل لابد من توفر شرطين ليخرج زكاتها وهذان الشرطان هما :
الشرط الأول: أن تكون معدة للإستفادة من ألبانها ، ونسلها ، فإن كانت للعمل عليها بحرث أو سقي أو غيرهما لم تجب فيها الزكاة .
الشرط الثاني:أن تكون سائمة . والمراد بالسائمة : هي التي ترعى جميع العام أو أكثره في الصحاري أو الغابات .
ـ وإذا
توفرت الشروط هذه الشروط وجب على صاحبها إخراج زكاتها , واعلم – رحمني
الله وإياك- أن زكاة الإبل ليست واحدة ، بل تختلف بحسب ما يملكه من الإبل
وسنذكرها تدريجيا :
* يجب في كل خمس من الإبل شاة ، وفي العشر شاتان ، وفي خمس عشرة ثلاث شياه ، وفي عشرين أربع شياه ، كما دل على ذلك السنة والإجماع .
ـ وأما من كان يملك من خمس وعشرين إلى خمس وثلاثين
؛ فيجب فيها بنت مخاض، وهي ما تم لها سنة ودخلت في السنة الثانية، وسميت
بذلك لأن أمها تكون في الغالب قد مخضت؛ أي: حملت، وليس كونها ماخضا شرطا،
وإنما هذا تعريف لها بغالب أحوالها، فإن عدمها أجزأ عنها ابن لبون؛ لحديث
أنس:"فإن لم يكن فيها بنت مخاض؛ ففيها ابن لبون ذكر"رواه أبو داود، ويأتي
بيان معنى اللبون. فعلى هذا من كان يملك خمسا وعشرين نقول تزكي بنت مخاض
واحدة ، ومن كان يملك تسعا وعشرين أو ثلاثا وثلاثين أو خمسا وثلاثين نقول
تزكي بنت مخاض واحدة ، وهكذا ما دام أن ما يملكه ما بين العددين 25 إلى 35
ففيها بنت مخاض .
ـ وأما من كان يملك من ست و ثلاثين إلى خمس وأربعين ,
فيجب فيها بنت لبون؛ لحديث أنس وفيه : "فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس
وأربعين؛ ففيها بنت لبون "أنثى، وكما دل على ذلك الإجماع ، وبنت لبون هي
ما تم لها سنتان، لهذا سميت بذلك ؛ لأن أمها تكون في الغالب قد وضعت
حملها، فكانت ذات لبن، وليس هذا شرطا، لكنه تعريف لها بالغالب. فعلى هذا
من كان يملك ستا وثلاثين نقول تزكي بنت لبون ، ومن كان يملك تسعا وثلاثين
أو أربعين أو خمسا وأربعين نقول تزكي بنت لبون واحدة . وهكذا ما دام أن ما
يملكه ما بين العددين36 إلى 45 فيجب فيها بنت لبون .
ـ وأما من كان يملك من ست وأربعين إلى ستين ؛
فيجب فيها حقة ، وهي ما تم لها ثلاث سنين، سميت بذلك لأنها بهذا السن
استحقت أن يطرقها الفحل وأن يحمل عليها وتركب. فعلى هذا من كان يملك ستا
وأربعين نقول تزكي حقة ، ومن كان يملك مثلا إحدى وخمسين أو ثلاثا وخمسين
أو سبعا وخمسين أو ستين ، نقول تزكي حقة . وهكذا ما دام أن ما يملكه ما
بين العددين 46 إلى 60 فيجب فيها حقة .
ـ وأما من كان يملك من إحدى وستين إلى خمس وسبعين
؛ فيجب فيها جذعة ، وهي ما تم لها أربع سنين، سميت بذلك لأنها إذا بلغت
هذا السن تجذع ، أي: يسقط سنها. والدليل على وجوب الجذعة في هذا المقدار
من الإبل ما في "الصحيح" من قول الرسول – صلى الله عليه وسلم - :" فإذا
بلغت إحدى و ستين إلى خمس و سبعين ؛ ففيها جذعة " ، وقد أجمع العلماء على
ذلك . فعلى هذا من كان يملك إحدى وستين نقول تزكي جذعة ، ومن كان يملك
مثلا ثلاثا وستين أو سبعا وستين أو سبعين أو خمسا وسبعين نقول تزكي جذعة .
وهكذا ما دام أن ما يملكه ما بين العددين 61 إلى 75 فيجب فيها جذعة .
ـ وأما من كان يملك من ست وسبعين إلى تسعين وجب فيها بنتا لبون اثنتان للحديث الصحيح ، وفيه: " فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين؛ ففيها بنتا لبون".
ـ وأما من كان يملك من إحدى وتسعين إلى عشرين ومئة وجب فيها حقتان للحديث الصحيح الذي جاء فيه:" فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومئة ؛ ففيها حقتان طروقتا الفحل "وللإجماع على ذلك.
ـ فإذا زاد مجموع الإبل عن مئة وعشرين بواحدة؛
وجب فيها ثلاث بنات لبون؛ لحديث الصدقات الذي كتبه النبي – صلى الله عليه
وسلم – ولفظه : " فإذا زادت على عشرين و مئة ففي كل خمسين حقة وفي كل
أربعين بنت لبون ، ثم يجب على كل أربعين بنت لبون وعن كل خمسين حقة .
هذا أهم ما وقفت عليه من الأحكام , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .