اختلف برحمة ... ^_^
الغل إرهاق للنفس و إتعاس لها .....
دعونا نتفق أن من النتائج الطبيعية لاحتكاك الناس ببعضهم الاختلاف ...
ولكن الاختلاف يجب أن يكون برحمة ...
فالاختلاف مع الآخرين لا يعني إلغاءهم ... وإنها لمشكلة كبيرة أن نجعل غايتنا دائماً أن نفرض آراءنا على الناس وإلا نعاديهم ونبغضهم ..
فمن المستحيل القضاء على الاختلاف ...
وإن السبيل لحل هذه المشكلة المتفشية أن نختلف برحمة .. أن نقبل تعدد الآراء .. لا أن نقول إما أنا وإما لا ... لا أن نقول أنا ومن اتبع رأيي في الجنة والباقي في النار ... كن رحيب الصدر واسع القلب وتقبل الجميع ...
كيف أختلف برحمة :
هناك خمس قواعد من النبي صلى الله عليه وسلم للاختلاف برحمة :
القاعدة الأولى :
انظر للاختلاف على أنه ميزة وليس عيباً ..
فوجود آراء مختلفة هو أمر حسن وليس سيئاً :
يقول الدكتور عمر عن نفسه : أنا وامرأتي مختلفون على تربية ولدينا علي وعمر
فامرأتي تريد منهم الانضباط بالمواعيد بالنسبة للاستيقاظ والنوم و كل شيء وأنا وجهة نظري إعطاءهم هامشاً أكبر من الحرية لأتيح لهم الإبداع والإنطلاق ...
حتى وجدنا أنا وامرأتي أن اختلافنا كان رحمة فلو أخذوا منها الانضباط ومني الانطلاق لكان هذا إنجازاً رائعاً ... وعندما اتفقنا على هذا عشنا في راحة كبيرة ...
ولتدرك أهمية الاختلاف:
تخيل لو أن كل الناس مثلك في الشكل وكلهم بلبسون نفس اللباس وكلهم يقودون نفس السيارة ... أنا متأكد أنك ستفقد عقلك وستعيش مللاً خانقاً ...
جاء للنبي صلى الله عليه وسلم اثنان من الصحابة كانا على سفر ولم يجدوا ماء فتيمموا وصلوا وقبل أن يدخل الوقت وجدوا ماء فاختلفوا ورأى الأول أن يعيد الصلاة ولم يعد الثاني فاحتكموا إلى النبي فقال للأول أصبت الأجر مرتين وقال للثاني أصبت السنة ..
فليس كل اختلاف يودي إلى ضلال أحد الرأيين فربما يكون في الرأيين صحة ..
القاعدة الثانية :
لا تنظر إلى أخطاء الناس فقط بل انظر إلى الجانب المشرق فيهم أيضاً :
كل الناس لديهم عيوب وحتى انت أيضاً فلماذا لا تنظر إلى الناس نظرة منصفة ... نظرة تشمل سيئاتهم وحسناتهم ...
أبو العاص بن الربيع زوج بنت النبي حارب النبي في غزوة بدر ولكن النبي يقول عنه والله ما ذممناه صهراً ..
تخيل لو حاربك أحد في معركة هل كنت لتنصفه عن موقف آخر جميل جمعك به .. لا أظن هذا ..
حسان بن ثابت شاعر رسول الله لكنه كان ضمن من خاضوا فى عرض السيدةعائشة فى حديث الافك ...
حدث أن التقت سيدتنا عائشة رضى الله عنها بحسان بن ثابت، وكان معها عروة بن الزبير ابن أختها فتذكر عروة ما كان من حسان فى حق خالته فكاد يقاتله،
فقالت عائشة: دعه يا بني، هذا الرجل كان يدافع عن رسول الله. ألم تسمع ما قاله فيه؟ قال:
فإن أبي وأخي وعمي وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
لقد تذكرت أمنا عائشة فعله الحسن قبل فعله السيء فأين نحن من هذا ؟
القاعدة الثالثة :
كلما اختلفت مع إنسان إبحث عن نقاط تلاق أو نقاط اشتراك بينك وبينه وانطلق منها إلى الاختلاف برحمة ...
القاعدة الرابعة :
اختلف مع الناس ولكن لا تلغهم ..
يوم فتح مكة فإن قريش التي فعلت ما فعلته بالنبي وأصحابه هزمت فأتي العباس عم النبي وقال له : أعطني مفتاح الكعبة آخذه من قريش من بني شيبة ليكون معنا فقال لا يا عباس المفتاح سيبقى معهم ..
بعض الناس يقول من ليس معي فهو ضدي والبعض ارتكبوا الأفظع فقالوا : من ليس معي فهو ضد الله ...
يربط الدين برأيه وكل من شذ عنه فقد خرج عن الملة ...
أعوذ بالله من هكذا تفكير ..
القاعدة الخامسة :
أنت مصر على الاختلاف ... لا بأس ... ولكن إذا اختلفت فلا تشتم الناس ولا تهنهم ولا تخطئ في حقهم ...
وارق فوق الانتقام لنفسك ..
قد تهاجم الغربان النسر ولكن النسر لا يرد عليهم وإنما يحلق لأعلى
فإن شتموك فكن كالنسر ودع الغربان تعاني في الأسفل ...
إن شتموك فازدد نجاحاً ... وإن سبوك فازدد سمواً ورقياً ...
فإنك إن هبطت إلى مستوى الشاتمين صرت مثلهم !!
من مجموعة الدكتور عمرو خالد
برعم الورد