ما
مدى صحة هذا الحديث وما معناه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من
سره أن يبسط له رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه) [رواه الإمام
البخاري في "صحيحه" (3/8) من حديث أنس بن مالك رضي الله
عنه]؟ وكيف يكون الجمع بين هذا وبين الحديث الذي يفيد أن الإنسان منذ
أن يتم خلقه في بطن أمه يكتب له رزقه وأجله وشقي أم سعيد؟
الحديث
الذي سألت عنه حديث صحيح، ومعناه أن الله سبحانه وتعالى وعد من يصل رحمه
أن يثيبه وأن يجزيه بأن يطيل في عمره، وأن يوسع له في رزقه جزاءً له على
إحسانه، وهذا من فضله سبحانه وتعالى أنه يجازي المحسن بإحسانه: {هَلْ
جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ} [سورة الرحمن: آية 60].
ولا
تعارض بين هذا الحديث وبين الحديث الذي فيه أن كل إنسان قد قدر أجله ورزقه
وهو في بطن أمه، لأن هناك أسبابًا جعلها الله أسبابًا لطول العمر وأسبابًا
للرزق، فهذا الحديث يدل على أن الإحسان وصلة الرحم سبب لطول الأجل وسبب
لسعة الرزق، والله جل وعلا هو مقدر المقادير ومسبب الأسباب، هناك أشياء
قدرها الله سبحانه وتعالى على أسباب ربطها بها ورتبها عليها إذا حصلت
مستوفية لشروطها خالية من موانعها ترتبت عليها مسبباتها قضاءً وقدرًا
وجزاءً من الله سبحانه وتعالى، فلا تعارض – والحمد لله – بين هذين
الحديثين، وهكذا كل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتعارض ولا ينقض
بعضه بعضًا أبدًا.