حجز الأماكن فى المساجد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ؛ أما بعد :
فلاشك أننا فى أيام مباركة فى شهر مبارك وهو رمضان أسأل الله أن يُعينُنا
على صيامه وقيامه ؛ فمما يلاحظ فى بعض مساجدنا او جلها من العوام وكذلك من
الشباب المستقيم أمر خاطئ ألا وهو حجر الأماكن فى المسجد سواء لنفسه أو
لحفاظ كتاب الله ممن يقفون وراء الامام لتصحيح الأخطاء ان وقعت منه أثناء
التلاوة ولاشك أنه من المحدثات فى دين الله .
فقد روى الامام احمد من حديث عبد الرحمان بن شبل رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه " نهي أن يوطن الرجل المكان فى المسجد كما يوطن البعير " الصحيحة (1168)
ولاشك أن هذا الفعل بدعة مأنزل الله بها من سلطان ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم " من أحدث فى أمرنا هذا ماليس منه فهو رد " رواه مسلم من حديث عائشة رضى الله عنها .
فلم يرد هذا الفعل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولاعن الصحابة رضوان الله عليهم ولو كان خيرا لسبقونا إليه .
قال الامام السعدي رحمه الله
" فلو علم المتجر أنه آثم وأن صلاته فى مؤخر المسجد أفضل له وأسلم له من
الإثم ؛لم يتجرأ على هذا ولبَعُد غاية البُعد ، وكيف يكون مأجوراً بفعل
محرم لايجوز ؟.
وقال أيضاً " إن التحجر فى المساجد ووضع العصا والأنسان متاخر عنالحضور لايحل ولايجوز ، لأن ذلك مخالفة للشرع .... "
قال الشيخ الألبانى رحمه الله فى ذكر بدع الجمعة :
" تقديم بعض المفارش إلى المسجد يوم الجمعة أو غيرها قبل ذهابهم إلى المسجد .." ( الأجوبة النافعة ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية " وأما مايفعله
كثير من الناس من تقديم مفارش إلى المسجد يوم الجمعة أو غيرها قبل ذهابهم
إلى المسجد فهذا منهي عنه باتفاق المسلمين بل محرم "
بل ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله أن الصلاة فى المكان المحجوز للعلماء فيها قولان من ناحية بطلانها وعدم قبولها .
وقد ذكر السيوطي فى كتابه الحاوي قولا لابن الحاج فى (المدخل) ذكر فيه أن
من بسط الثوب وأخد مكان الغير يعد غاصبا واستدل بالحديث " من غصب شبراً من
الأرض طُوقه يوم القيامة إل سبع أرضين " ..
مفاسد التحجر :
1 - عدم التبكير والتقدم للمسجد ومافيه من مخالفة الهدي النبوي فى الحث على التبكير لقوله صلى الله عليه وسلم " لو يعلم الناس مافى النداء والصف الول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" اى اقترعوا عليه .
2 - المتحجر عندما يأتى متأخراً لمكانه سيقوم بتخطى رقاب المصلين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل " اجلس فقد آذيت " .رواه أحمد وأبو داوود .
3 - حصول الشحناء والبغضاء والتدابر بينه وبين إخوانه المصلين الذين سبقوه وقد نهي صلى الله عليه وسولم عن ذلك بقوله " لاتحاسدوا ولاتباغضوا ولاتدابروا وكونوا عباد الله إخواناً " وكذلك مايحصل من ظلمه لغيره ممن سبقه الى هذا المكان.
4 - ربما قام المتحجر للمكان بإخراج من وجد فى مكانه وعندها يقع فى النهي
فعن عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لايقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه " رواه الامام البخاري ومسلم .
سئل الامام ابن باز رحمه الله عن حجر الأماكن فى المسجد ؟
فأجاب : المسجد لمن سبق ؛ فلايجوز لأحد أن يحجر مكانا فى المسجد ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " لو يعلم الناس مافى النداء والصف الول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا"
اى لاقترعوا ؛ فحجزه أمر لايجوز وغصب للمكان ولاحق لمن غصبه ؛ فالسابق
أولى منه وأحق به حتى يتقدم الناس الى الصلاة بأنفسهم .. ا هـ مجموع
الفتاوى لابن باز ( 12 \ 208 ).
ـــ ثم إذا فرش هذا فهل لمن سبق الى المسجد أن يرفع ذلك ويصلى فى موضعه ؟
أجاب شيخ الاسلام ابن تيمية بقوله : فيه قولان أحدهما أن لغيره رفعه
والصلاة مكانه لأن هذا السابق يستحق الصلاة فى ذلك الصف المتقدم وهو مأمور
بذلك أيضاً ، وهو لايتمكن من فعل هذا المأمور واستيفاء هذا الحق إلابرفع
ذلك المفروش ومالايتم المأمور إلابه ؛ فهو مأمور به .
وأيضا فذلك المفروش وضعه هناك على وجه الغصب وذلك منكر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكراً فليغيره ..." الحديث
لكن ينبغي أن يراعى فى ذلك ألايئول إلى منكر أعظم منه والله أعلم ، والحمد لله وحده . اهـ من الفتاوى (22\190-191)
سئل الشيخ مقبل رحمه الله ؛ هل لمن حجز مكانا فى الصف الأول ثم ذهب الى الدرس فى مؤخرة المسجد أو للمراجعة أن يعود إلى مكانه؟
فقال : ليس له مكان ، مكانه فى حجرته . اهـ
وأخيرا ً هنالك بعض الأمور لاتعتبر من التحجر منها :
ـــ إن قام لحاجة يسيرة كالوضوء ثم رجع لمجلسه فهو أحق به فعن أبى هريرة
رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا قام أحدكم من
مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به " رواه مسلم.
قال الامام النووى رحمه الله فى شرحه لمسلم : " أن فارقه ليتوضأ أو يقضى
شغلا يسيراً ثم يعود لم يبطل اختصاصه بل إذا رجع فهو احق به فى تلك الصلاة
دون غيرها ؛ فإن كان قد قعد فيه غيره فله أن يقيمه وعلى القاعد ان يفارقه
لهذا الحديث وهذا هو الصحيح عند اصحابنا وأنه يجب على من قعد فيه مفارقته
إذا رجع الأول . اهـ
قال الامام السعدي رحمه الله " وأما من يتقدم الى المسجد وفى نيته انتظار
الصلاة ثم يعرض له عارض مثل حاجته إلى وضوء أو نحوه ثم يعود فلا حرج عليه
وهو احق بمكانه ولايلحقه ذم ". اهـ
فعلى من يقوم بهذا الفعل أن يتوب الى الله وان يخلص النية فلا يقبل اى عمل
الا بشرطين وهما الاخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
بتصرف مع زيادة يسيرة من رسالة (( تحذير الساجد
من بدعة الحجز فى المساجد )) لاخينا أبى يونس عبد الحكيم بن سالم اليافعى
؛ تقديم فضيلة الشيخ يحي بن على الحجوري .[/size][/size]