فضيلة العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني :
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي
له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده
ورسوله .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا
تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) . [ آل عمران : 102 ] . ( يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ
إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) . [ النساء : 1 ] . ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا .
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ
يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) . [ الأحزاب :
70 - 71 ] . أما بعد :
فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمدٍ - صلى الله عليه وعلى آله
وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل
ضلالة في النار .
السؤال : عندما تكون المسجلة مفتوحة على القرآن الكريم ، وبعض الحاضرين لا
يستمعون بسبب أنهم مشغولون بالكلام ، فما حكم عدم الاستماع !؟ وهل يأثم
الذي فتح المسجلة أو أحد الحاضرين !؟
الجواب : الجواب عن هذه القضية يختلف باختلاف المجلس الذي يتلى فيه القرآن
من المسجلة ، فإن كان المجلس مجلس علمٍ وذكرٍ وتلاوة للقرآن ؛ فيجب والحالة
هذه الإصغاء التام ، ومن لم يفعل فهو آثم ؛ لمخالفته لقول الله تعالى في
القرآن : ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) . [ الأعراف : 204 ] .
أما إذا كان المجلس ليس مجلس علم ، ولا مجلس ذكر ، ولا مجلس تلاوة قرآن ،
وإنما مجلسًا عاديًا ، كأن يكون الإنسان يعمل في البيت ، أو يدرس ، أو
يطالع ؛ ففي هذه الحالة لا يجوز فتح آلة التسجيل ورفع صوت التلاوة ، بحيث
يصل إلى الآخرين الذين هم في البيت أو في المجلس ، فهؤلاء في هذه الصورة
ليسوا مكلفين بالسماع ؛ لأنهم لم يجلسوا له ، والمسؤول هو الذي رفع صوت
المسجلة ، وأسمع صوتها للآخرين ؛ لأنه يحرج الناس ، ويحملهم على أن يستمعوا
للقرآن وهم ليسوا مستعدين لهذا الاستماع .
وأقرب مثال على هذا : أن أحدنا يمر في الطريق فيسمع السمان ، وبائع الفلافل
، والذي يبيع ( الكاسيتات ) - الأشرطة - ، وقد ملأ صوتُ القرآنِ الطريقَ ،
وأينما ذهبت تسمع الصوت ، فهؤلاء الذين يمشون في الطريق كل في سبيله ، هل
هم مكلفون بأن ينصتوا لهذا القرآن الذي يتلى في غير محله !؟
الجواب : لا ، وإنما المسؤول هو هذا الذي يحرج الناس ويسمعهم صوت القرآن ،
إما للتجارة ، أو للفت نظر الناس إليه ، ونحو ذلك من المصالح المادية .
فإذًا : هم يتخذون القرآن من جهة مزامير ، كما جاء في بعض الأحاديث ، ثم هم
يشترون بآيات الله ثمنًا قليلاً بأسلوب آخر غير أسلوب اليهود والنصارى ،
الذين قال الله - عز وجل - في حقهم : ( يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللهِ ثَمَناً
قَلِيلاً ) . [ آل عمران : 199