الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله
وصحبه ومن اهتدى بهداه , وبعد :
فإن من الكلمات المستعملة عندنا في ليبيا – وبكثرة – كلمةَ [طاح] يعنون بها
: سقط , وهي بهذا المعنى عربية فصيحة .
قال الجوهري في [الصحاح] : طاح يطوح ويطيح : هلك وسقط . اهـ
وقال ابن الأثير في [النهاية 3/319] : يقال طاح الشيء يطوح ويطيح : إذا سقط
وهلك . اهـ
وكذا قال نحوه [ابن منظور في اللسان] و[الفيروز آبادي في القاموس]
و[الزبيدي في تاج العروس] .
وهذا المعنى هو ما أراده الفيروز آبادي عندما ترجم لأحد أئمة النحو وهو ابن
بابشاذ , فقال في كتابه [البلغة ص27] : مات سنة 469 طاح من سطح الجامع ,
فحمل إلى بيته فمات . اهـ
والشيء بالشيء يذكر : فقد جاء في [أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض
3/309] أن ابن عاصم المالكي رد على الزمخشري في قصيدة جميلة , فكان مما قال
:
اخسأ فقولك طائحٌ كهباءة *** طاحت بها هوج الرياح المعصفه
فقوله [طائح] أي : ساقط , ومراده : أن قول الزمخشري ومذهبه فاسد ساقط , وهو
كما قال .
وعودا على بدء أقول : إن الناظر في كثير مما يستعمله أهل ليبيا من ألفاظ
يتضح له عربيته وفصاحته , وإن كانت هذه الفصاحة قد اختلطت بالعامية الركيكة
, والألفاظ الأعجمية من تركية وإيطالية وغيرهما .
ومما يدل على أن أهل ليبيا قد حافظوا على فصاحتهم مدة طويلة من الزمن ما
قاله العبدري – رحمه الله – في [رحلته – بتحقيق محمد الفاسي] عندما أتى على
ذكر برقة – ويقصد بها شرق ليبيا - قال: [ وعرب برقة اليوم من أفصح عرب
رأيناهم , وعرب الحجاز أيضا فصحاء , ولكن عرب برقة لم يكثر ورود الناس
عليهم , فلم يختلط كلامهم بغيره , وهم الآن على عربيتهم , لم يفسد من
كلامهم إلا القليل , ولا يخلون من الإعراب إلا ما لا قدر له بالإضافة إلى
ما يعربون ] اهـ .
وهذا الكلام يقوله العبدري قبل نحو سبعمئة سنة , أما الآن فقد فسد من
كلامنا الكثير , أعادنا الله إلى تلك العربية الأولى , والله تعالى أعلم .